الصمت الزوجي: هل هو بداية النهاية؟

مقالات
5.3M
0



قالت: “أعاني من الجفاء بيني وبين زوجي، لغة الحوار تكاد تكون منعدمة، أشعر بوحدة كبيرة رغم وجوده! وما يدفعني للاستمرار هو الأطفال فقط، وما أخشى حدوثه هو الانفصال في نهاية المطاف.”

هو لسان حال معظم النساء العربيات اليوم، حيث يسود بين الأزواج ما يُسمى بــ” الخرس الزوجي” الذي ينشأ نتيجة عدة أسباب تقود العلاقة إلى نتائج كارثية على المدى البعيد.

تتعدد الأسباب من أسرة لأخرى، فبعضهم يصل إلى مرحلة الصمت بعد الإنجاب تحت مبرر التعود والروتين اليومي المتكرر، وربما الملل يلعب دورًا ملموسًا في تدهور الأمور، والبعض الآخر يُربى في أسرة لها خلفية واضحة في هذا الشأن، حيث يسود بين الأب والأم قلة الاهتمام واللامبالاة فتنتج تربية غير سوية للأبناء يدفعون ثمنها لاحقًا في علاقاتهم، كذلك اختيار الزوجة وقت غير ملائم للتحدث مع الزوج قد يميل به لتجنبها وبناء جدار الصمت، كما أن زيادة الأعباء المادية التي يفرضها الواقع تؤثر في تفشي “فيروس السكوت” بين الزوجين، وأولها الحديث الدائم عن النفقات من متطلبات المعيشة كمصاريف التعليم والمأكل والملبس، فيشتعل الغضب والمشادات الكلامية وتفقد العلاقة حيويتها لينقطع حبل التواصل وتصبح الردود مختصرة، ومن ثم تصل العلاقة لطريق مسدود!

من وجهة نظري وفي ظل التطور العظيم الذي نشهده حاليًا، أجد أن أكبر وأهم أسباب هذه الظاهرة تكمن في كبسة زر!

نعم، فإن التكنولوجيا لها إيجابيات وسلبيات، وقد تكون سلبياتها أشد ضراوة وأكثر حضورًا! ففي يومنا هذا نادرًا ما نجد زوج ينصت لزوجته والعكس صحيح، الكل مُنغمس في التطبيقات الإلكترونية والألعاب المُتشعبة ومقاطع الفيديو ولا يرى سواها، يصب فيهم كل تركيزه بعيدًا عن شريك العمر، من بزوغ الصباح حتى منتصف الليل، والمضحك أن الزوج أو الزوجة قد يعتبرون شاشة مضيئة هي الملاذ لهم من أوضاعهم المؤسفة، والحق أنهم بإدمان الإنترنت ينفرون عن بعضهم أكثر وأكثر!

أصبحت اللغة الدارجة بيننا هي لغة الخوارزميات، والحروف تتشكل في رسالة نصية يعقبها “إيموجي”.. ليتهم يعلمون أن اختيارهم للعالم الافتراضي يكون على حساب حياتهم الزوجية!




فأين نحن من الرباط المُقدس والمودة والرحمة التي أمرنا بها ديننا الحنيف؟

قد تستمر الزوجة في العلاقة لأجل الأطفال فحسب، كما هو مشار إليه في المقدمة، لا عواطف قادرة على إنهاء الخلاف، ولا تفاهم كفيل بحل المعضلة، فقط التضحية لأجل صغارها في جو يعم بالصمت والانشغال عن بعضهم البعض، ولكن والمؤكد أن هذه الأجواء لن تنتج عنها أجيال واعية بقيمة الزواج والمشاركة، فهي كالدائرة المغلقة التي ستعود لنقطة البداية من جديد في كل تجربة زواج فيما بعد.. لتكون بداية النهاية وبحق!

تقول أخرى: “أحارب فكرة خيانة زوجي! أعلم أنها فعلة مُشينة ولكن ما التصرف الحكيم في غياب الزوج وغياب الكلمة الطيبة والشعور بي؟”

وهو جانب آخر مؤلم تعاني منه بعضهن، أن تصارع فكرة الخيانة وحدها، لا تجد من يشد أزرها ويقوي إرادتها أمام مخالب الفتنة وألاعيب الشيطان، لا تجد من يؤنس وحشتها ويخبرها كم هي زوجة رائعة وتستحق الإنصات والعناية، أن تُمد لها يد النجاة من الوقوع في حفرة الاغتراب النفسي وعدم توبيخها واتهامها بالتقصير مرارًا، وهُنا مربط الفرس.

تتمثل النتائج في تفاقم حدة المشاحنات بين الأزواج، خروج أبناء يصعب عليهم التعبير عن مشاعرهم مستقبلًا، وأخيرًا زيادة معدلات الطلاق في مجتمعاتنا، فتُهدم قصور العشق والهيام التي بناها الزوج والزوجة في شهورهم الأولى معًا بين ليلة وضحاها.

اليوم وبعد زيادة الإحصائيات.. تقع المرأة العربية بين مفترق طرق، أن تتنازل عن جودة حياتها الزوجية من أجل زواج فاشل مُفكك الجوانب، أو أن تدفع ضريبة حريتها بالانفصال و”خراب البيوت” وهو آخر الحلول المتاحة، والآن دعونا نستعرض بعض المفاتيح الذهبية لإنعاش العلاقة الزوجية وإضفاء لحظات متجددة لها:

1- العثور على اهتمامات مشتركة بين الزوجين، فتُخلق لغة وحالة حضور بين الطرفين.

2- إيجاد بعض الأنشطة المختلفة عن الروتين اليومي، كالسفر على سبيل المثال.

3- عدم التغافل عن الذكريات الطيبة، فهي تُعيد الحياة للعلاقة عند استرجاع الأوقات السعيدة.

4- أن يكون استخدام التكنولوجيا في أوقات محددة وعند الحاجة لها، لا تسلب قيمة الزمن بين الأزواج.

5- الصراحة ثم الصراحة ثم الصراحة.. من أهم الأساليب لفهم الآخر وتقبله وخاصةً بين الأزواج، أن تكون العلاقة آمنة خالية من الغموض.

وختامًا، نشير إلى أهمية التعاون والتفاعل لفظيًا وعاطفيًا وكذلك مشاركة التفاصيل اليومية بين الأزواج وإن صغرت وذلك لضمان الاستقرار والهدوء، فهي شعلة الزواج المتزن القائم على أساس قوي والتغاضي عنها يؤدي إلى فتور وجمود وعواقب أخرى جسيمة.






هل ترغبين في تلقي الأخبار الجديدة التي تصدرها المجلة؟
الاشتراك في نشرة أخبار المجلة



تطبيق مجلة المرأة العربية

يمكنك اختيار نسخة التطبيق المناسبة لجهازك.

تطبيق مجلة المرأة العربية

تطبيق مجلة المرأة العربية

تعليقات الفيسبوك