واصل مركز محمد السادس لحوار الحضارات، الكائن مقره بمدينة كوكيمبو شمال الشيلي، تكثيف أنشطته
الثقافية داخل إقليم “فايي إلكي” خلال الأسبوعين الماضيين، فبعد اقترابه من ساكنة بلدة “بايهوانو” و
ساكنة مدينة “بيكونيا”، نظم يوم الخميس الماضي نشاطا ثقافيا بمكتبة “بيبا” بمدينة “لا سيرينا” جارة
مدينة كوكيمبو و التي تبعد عنها بحوالي 12 كيلومترا و المشهورة بشواطئها الجميلة و مواقعها السياحية
الجذابة و حدائقها الخلابة و جامعاتها الأنيقة و باقي مؤسساتها التعليمية الكثيرة العدد.
وكما في المرات السابقة تم تقديم كتاب “أساطير فايي إلكي” للكاتب دانييل طورو المولود بمدينة
“بيكونيا” مسقط رأس الشاعرة الكبيرة غابرييلا ميسترال، حيث قدم الكاتب كريستيان غيثي ورقة حول
الكتاب الذي أصدره مركز محمد السادس لحوار الحضارات لتشجيع الكفاءات الأدبية الشيلية على المزيد من
العطاء الإبداعي.
والكتاب كما أشار الكاتب كريستيان يتضمن الكثير من الحكايات الشعبية ذات النفس الغرائبي والأسطوري
والتي سادت في بيكونيا وكامل إقليم “فايي إلكي” خلال طفولة الكاتب دانييل الذي تمكن من تحويلها إلى
كتاب لتتعزز نصوص الحكايات الشفوية بعد أن تناستها عدة أجيال بنصوص سردية قد تعيد لتلك الحكايات
المنسية حياتها في التداول والحضور من جديد لدى الأجيال الحاضرة و القادمة.
و من جانبه تناول الكلمة الكاتب دانييل طورو ليشكر الحضور على اهتمامه الكبير، مخصصا الشكر الجزيل
لمركز محمد السادس لحوار الحضارات الذي حقق له حلم إصدار الكتاب، كما شكر كريستيان غيثي الذي عمل
مع باتريسيو غونزاليث منسق أعمال المركز من أجل إصدارهذا المشروع الإبداعي في حلة جميلة، معبرا عن
إعتزازه، في ذات الوقت، بهذا العمل. و قد قام بتوقيع الكتاب على الفائزين به عند الإنتهاء من
إجراء القرعة.
وعند نهاية النشاط الخاص بتقديم الكتاب، جاء دور المغني الباكستاني الشاب غلام أكبر الذي أتحف الجمهور
الشيلي الحاضر بأغاني هندية و باكستانية بعد أن مهد لها بأغنية مستوحاة من القرآن حيث أداها
بطريقة صوفية مؤثرة تجاوب معها الحضور بقوة.
و قبل هذا النشاط، نظمت هيئة “دائرة القراءة أصدقاء المغرب” التابعة لمركز محمد السادس لحوار
الحضارات يوم الثلاثاء 12 يونيو نشاطا بمناسبة اليوم العالمي للبيئة بحضور فعاليات ثقافية.
وقام بتسيير المناقشة الكاتب لويس أغيليرا في ضوء مداخلتي كل من ماريا فيرخينيا مونارديس تحت عنوان
“المناجم والبيئة” والمصطفى روض الذي تحدث في موضوع “البيئة في الصحافة العربية”.
وماريا بصفتها رئيسة لجمعية تعنى بحماية البيئة في منطقة “أنداكويو” المنجمية المحادية لمدينة
كوكيمبو، تحدثت عن تجربتها وتجربة جمعيتها في مواجهة المشاكل البيئية الضارة بالبيئة والصحة والناجمة
أساسا عن أنشطة المنجمين الرئيسيين في المنطقة وهما منجم “تيك كارمن” و منجم “دايتون”، حيث بغض
النظر عن الدور الاقتصادي للمنجمين، فإن ما يخلفه نشاطهما من نفايات مرمية عبارة عن مواد من
الزئبق وأخرى تحوي بقايا ذهب، ما يسبب في تلوث الهواء خصوصا وأن هذه النفايات عبارة عن حصاة
تنتقل الى الجو.
والى ان النفايات المذكورة كانت موجودة قبل سن قانون البيئة عام 1992 و ظهور الوعي و التربية و
المعرفة في مجال حماية البيئة، مؤكدة على أن المجال البيئي في منطقتها أدى ثمنا باهضا من خلال تأثر
غاباتها وهوائها.
من جانبه تحدث الصحفى المغربي روض عن البيئة في الصحافة العربية، معتبرا سنة 1992التي شهدت انعقاد
قمة الأرض بريو جانيرو بمثابة لحظة حاسمة سواء في تبلور الوعي البيئي داخل العديد من المجتمعات
العربية و ضمنها المغرب او على مستوى الاهتمام الذي عكسته وسائل الاعلام العربية.
ورغم تمييزه بين ما يسمى صحافة البيئة وصحافة السياسة والاقتصاد والثقافة والفن، فإن ثمة صعوبة
تجعل من صحافة البيئية غير قادرة على تملك هويتها كجنس صحافي لعدم توفرها على محددات اساسية،
كالانتظام في نشر مواد البيئة، واعتماد صحافيين متخصصين والقدرة على الولوج الى المعلومة والاستقلالية
كمبدأ يحكم خطها التحريري.
ونوّه، في نفس الوقت، بتجارب بعض الصحف المغربية و العربية التي خصصت صفحاتها لموضوع البيئة، و إن
كانت بعض التجارب في هذا الاطار توقفت نهائيا. لكن في الخلاصة العامة اعتبر أن ثمة تجربة رائدة في
العالم العربي جسدتها بفعالية مجلة البية والتنمية اللبنانية منذ تأسيسها عام 1996 بحكم مهنية
صحافييها باعتبارهم متخصصين في موضوع البيئة، وبحكم كذلك استقلالية المجلة عن النفوذ السياسي والمالي،
فضلا عن وجود مركز للدراسات البيئية التي تتبع له المجلة و يطعمها بدراسات علمية في مختلف موضوعات
القضايا البيئية و التنمية المستدامة.